الأطفال واللياقة البدنية من منظور الصحة العامة

 

الأطفال واللياقة البدنية من منظور الصحة العامة

ا.د مازن عبد الهادي أحمد

 

لقد أصبحت مسألة زيادة كفاءة الجهاز القلبي التنفسي عن طريق زيادة النشاط البدني واستمراريته ، هدف وطني للصحة العامة لكلا من الكبار والصغار . فاللياقة البدنية للأطفال ضرورية من ناحية الصحة العامة والوقاية من الكثير من الإمراض ، وأصبح تشجيع ممارسة النشاطات البدنية التي تؤدي الى تطوير كفاءة عمل الجهاز القلبي التنفسي موضوعاً رئيسياً يجب ان يحتل جزءاً مهماً من برامج التربية الرياضية ( U.S. Department of Health and Human Services, DHHS, 1985) وبالرغم من كثر البحوث والدراسات عن مزايا وفوائد النشاط البدني للراشدين (الكبار) إلا إن الباحثين يفاجئون بقلة ما هو معروف عن مشاركة الأطفال في النشاطات البدنية وتأثير ذلك عليهم من ناحية الصحة العامة .

لقد بينت البحوث والدراسات وجود علاقة وثيقة بين المشاركة المنتظمة والمستمرة في النشاط البدني معتدل وعالي الشدة ( Moderate to Vigorous physical Activity) وزيادة العمر (Paffenbarger , Huda , Wing , 1986 ) وكذلك انخفاض معدلات الخطورة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ( Coronary Heart Disease , CHD) .

( Paffenbarger et al , 1984 : Powell , Thompson Casper son , 1988) كما ثبت بشكل مؤكد ان إمراض القلب الناتجة عن تصلب الشرايين تبدأ في عمر مبكر ( Lauer . Conner , Leaver ton , 1985 Newman et al , 1989) . ان الأدلة العلمية المتوفرة ألان تؤكد بأن النشاط البدني المنظم والمنتظم عند الأطفال يقلل من عوامل الخطورة ( Risk Factors) للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ( Durant , Mahoney and Montoya , 1990) لهذا فهناك ألان اتجاه سائد يدعو إلى ضرورة حصول الأطفال على مشاركة منظمة ومنتظمة من النشاط البدني معتدل وعالي الشدة سيما وان الأطفال حالياً ليسو بذلك المستوى من اللياقة البدنية الذي يجب ان يكونوا عليه ( Dunkan et al , 1980) بالإضافة الى ظهور حالات عديدة في زيادة معدل وزن الأطفال عن الحد الطبيعي ( Overweight) كما ان هناك دلائل على ان الاطفال الذين يشاركون في نشاط بدني منظم ومنتظم وذا شدة معتدلة او عالية هم اكثر احتمالاً للاستمرار في ممارسة هذه النشاطات في مراحل عمرهم اللاحقة ( Katch , 1985 : Pate and Blair , 1990) .

  الأهداف الوطنية الصحية Health Objectives for the Nation :

لقد نشرت وزارة الصحة الأمريكية ( DHHS , 1985) الوثيقة الفدرالية الرسمية حول نشر الوعي الصحي والوقاية من الإمراض والتي تستمر لحد العام 1995 . ومن ضمن بنود هذه الوثيقة أهداف خاصة بضرورة زيادة النشاط البدني للأطفال من أعمار 10-17 سنة وزيادة المشاركة المنظمة والمستمرة في فعاليات بدنية تؤدي إلى زيادة تطوير كفاءة الجهاز القلبي التنفسي وكذلك زيادة المشاركة الفعالة في دروس التربية الرياضية والنشاطات التي تجري خارج المدرسة.

كذلك تم اقتراح أهداف خاصة بالأطفال تحت سن العاشرة من العمر حيث تفترض هذه الأهداف بأن مشاركة الأطفال في فعاليات بدنية ذات شدة معتدلة وعالية قد تؤدي إلى تغيرات في أنماط العادات الخاصة بممارسة الفعاليات الرياضية وانتقالها الى مراحل عمرية متقدمة ، مع التأكيد على أن درس التربية الرياضية يبقى هو المكان الأنسب لممارسة النشاط البدني المنظم والمنتظم للأطفال . لقد ركزت الدراسات والبحوث الحديثة على محاولة معرفة انجح الطرق لتشجيع الأطفال على ممارسة النشاط البدني ولكي تصبح ممارسة النشاط الرياضي جزءاُ من النمط الحياتي اليومي للفرد ( Stone , 1990) .

ولكن رغم ذلك فأن التقدم في تحقيق أهداف هذه الوثيقة الرسمية تبدو متواضعة بسبب الحاجة الى زيادة البحوث والدراسات التي تتعلق بأنماط النشاط البدني عند الأطفال ( Powell , Spain , Christenson and Mollenkamp , 1989) .

  لياقة الجهاز القلبي التنفسي عند الأطفال Children’s Cardio respiratory Fitness

– ما هي مستويات لياقة الجهاز القلبي التنفسي عند الأطفال وكم تشكل نسبة من يتمتعون منهم بلياقة بدنية مقبولة ؟

– هل ان الأطفال هذه الأيام يتمتعون بمستوى لياقة بدنية للجهاز القلبي التنفسي يفوق ما كانوا يتمتعون به في السنوات الماضية ؟

– هل يهبط المستوى لياقة الأطفال بزيادة أعمارهم ؟

ان المعلومات المتوفرة عن لياقة الجهاز القلبي التنفسي عند الأطفال جاءت من التقويم الميداني لعينات وطنية National Samples وكذلك من تقويمات مختبريه على عينات صغيرة .

ان التقويم الميداني للياقة الجهاز القلبي التنفسي عن طريق الانجاز في الركض قد يبدو مقبولاً علمياً وسهل التنفيذ على عينات كبيرة من الأطفال لكن مع ذلك فأن عدداً من المتغيرات الدخيلة قد تؤثر سلباً على صحة الاختبارات كالخبرة والكفاءة الحركية والظروف البيئية ودرجة التحفيز (krahenbuhl ,Petersen and Schneider , 1990) لكن الكثير من الدراسات تؤكد على ان اختبارات ركض المسافات لها علاقة ارتباط مقبولة علمياً مع القدرة الاوكسجينية ( Aerobic Power , Vo2max) ( Lariviere and Shepherd , 1989). لقد شملت عدة مسوح وطنية National Surveys على تقويم ميداني باستخدام الركض لمسافات معينة كوسيلة لتقويم كفاءة عمل ولياقة الجهاز التنفسي مثل دراسة :

    American Alliance for Health , Physical Education , Recreation and Dance , 1990

    The National Children and Youth Fitness Study, 1989.

    The Presidents Council on Physical Fitness, 1990.

    American Athletic Union , 1992 .

ومع أن عينات هذه الدراسات قد تباينت وكذلك أساليب تنفيذ التقويم ، إلا أن هناك اتفاق على ان الركض لازال يعتبر لحد ألان وسيلة لتقويم كفاءة ولياقة الجهاز التنفسي وخاصة عند تقويم عينات من الافراد .

ان المعايير المبنية على دراسات مسحية عن المسافات المقطوعة عادة تقارن بأرقام نسبية ( نسبة مئوية ) وحسب العمر والجنس ويفترض بأن تكون هذه المعايير دقيقة على مستوى المعين الرباعي والعشري .

– ( Ross , Dotson , Gilbert and Katz , 1991 )

وفي دراسة ( PCPF , 1990) ظهر بأن 50% من الفتيات في أعمار 6-7 سنوات و 30% من الأولاد في أعمار 6-12 سنة لم يتمكنون من ركض مسافة ميل واحد في زمن اقل من 10 دقائق .

ومع ذلك فلا يعرف ما إذا كان ركض ميل واحد بأقل من عشرة دقائق يعتبر مؤشراً دقيقاً لمستوى مقبول من كفاءة الجهاز القلبي التنفسي لدى الأطفال. كذلك فأن دراسات وبحوث معتمدة لتحديد القدرة الاوكسجينية ( Maximal Oxygen Consumption , Vo2max) المعبر عنها بتحديد لياقة الجهاز القلبي التنفسي بقيم القابلية القصوى لاستهلاك الأوكسجين ( Pate and Blair , 1989) قد أظهرت بأن 45-55 مللتر / كغم × دقيقة يع7تبر مؤشراً مقبولاً ، ومع ذلك فأن ( Cooper , 1985) قد اقترح قيماً اقل من ذلك وعند حدود 42 مللتر/ كغم × دقيقة . لكن الدراسات الحديثة ( MacDougal , Roch and Bar-or , 1990) أظهرت قيماً أعلى من ذلك .

  تأثير البرامج الخاصة على تطوير كفاءة الجهاز القلبي التنفسي .

Effects of Special Training Programs on CVS System                    

-ما هي تأثيرات برامج التدريب الخاصة على تطوير كفاءة الجهاز القلبي التنفسي عند الأطفال؟

-وما هي كمية التدريب على لياقة الجهاز القلبي التنفسي عند الأطفال التي من الممكن ان تنتقل إلى مرحلة البلوغ ؟

لقد ظهرت بأن الأطفال المدربون الذين يمارسون نشاطاً بدنياً منتظماً يملكون مستويات عالية من قيم القابلية القصوى على استهلاك الأوكسجين مقارنة بالأطفال غير المتدربين وعبر كافة الاعمار.

وقد يكون السبب ربما ناتجاً عن تأثيرات التكيف الناتجة عن الأثر التدريبي ، الا إن هناك حاجة الى دراسات كثيفة ومنفذة بشكل جيد من اجل الحصول على استنتاجات دقيقة وبدون تأثير عاملي النمو والنضوج .

لقد أظهرت دراسات كلاً من ( Roland , 1989 : Krahenbul , 1992) بأن كفاءة لياقة الجهاز القلبي التنفسي عند الأطفال يمكن زيادتها عن طريق التدريب المنظم والمنتظم ذي الشدة المعتدلة والعالية وعن طريق تدريب المطاولة التي تشابه في تركيبها تدريبات البالغين من حيث الشدة ، التكرار والفترة الزمنية .

إما الدراسات والبحوث التي تتحدث عن احتمال انتقال الأثر التدريبي للجهاز القلبي التنفسي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد فقد أوضحت إمكانية المحافظة على قيم الانجاز لعدة سنوات بعد التوقف عن التدريب (Greene et al , 1991 ) . وقد يرجع ذلك أيضا الى استمرار الأطفال في مزاولة النشاط الرياضي الذي تغلب عليه صفة المطاولة