الخجل الاجتماعي لدى طالبات كلية التربية الرياضية – جامعة كربلاء المقدسة.

 

الخجل الاجتماعي لدى طالبات كلية التربية الرياضية – جامعة كربلاء المقدسة.

م.د. علي حسين الجاسم

كلية التربية الرياضية – جامعة كربلاء المقدسة.

 

يمثل الخجل الاجتماعي ظاهرة نفسية هامة في مجال دراسات الشخصية ورغم الأبحاث العديدة التي تناولت هذه الظاهرة في بعض جوانبها وعلاقتها بالسلوك فما تزال كثير من تفاعلاتها تحتاج إلى المزيد من البحث والتدقيق وخاصة مع تزايد التعقيد في مظاهر الحياة الاجتماعية والعلاقات البشرية وقضايا التنشئة الاجتماعية المتعلقة بنمو المجتمع ، بشكل او باخر فإن الخجل في حياتنا مطلوب أو يسمى الحياء ولكن ذلك الخجل الذي يعزز من احترام الآخرين لبعضهم البعض في مواقف معينة.. فاالخجل المحمود والحياء قد تكون مزروعة في داخلنا لأن صلاح الفرد يؤدي إلى صلاح المجتمع ولأن الحياء شعبة من شعب الإيمان وإن الحياء خصلة حميدة تكف صاحبها عما لا يليق، وقد قال النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم (أن الحياء لا يأتي إلا بخير )..

      وقد جاء في لسان العرب تحت باب خجل – الخجل – الاسترخاء من الحياء ويكون من الذل رجل خجل وبه خجلة أي حياء وأمراءه خجلى وتثنيا خجلأ ،وان الخجل من التحير والدهش من الاستحياء وامرأة حيية أي فيها حياء ورجل حيي، وخجل الرجل خجلا فعل فعلا فاستحى منه ودهشى منه وتحير ،والخجل بمعنى البطر أيضا أي البطر في الغنى وقال أبو عمرو : الخجل والكسل والتواني عن طلب الرزق قال وهو مأخوذ من الإنسان الخجل يبقى ساكنا ولا يتكلم ولا يتحرك ، والخجل بهذا المعنى يرتبط بالحياء وهو بذلك صفة حميدة من التراث العربي والإسلامي…

     والحديث عن أهمية المرحلة الجامعية في حياة الطلبة وحيويتها تقود إلى اعتبارات عديدة فهي مرحلة بالغة الخطورة لأن الطلبة يدخلون فيها وهم يحملون في تكويناتهم تأثيرات العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية وفي هذه السن يكونون عرضة لنوازع عديدة تتراوح ما بين الطموح والأقدام والتردد والأحجام والتطلع لتجربة حياتية جديدة يحققها له الوسط الجامعي والاختلاط في مجتمع جديد يتميز بوجود الجنس الآخر من جهة والجو العلمي والثقافي والاجتماعي الذي يسود بين المنتسبين إليها من جهة أخرى مما يعطيهم القدرة على خلق جو وعلاقات نوعية داخل هذا الوسط تتسم بالنضج والتطور في الرؤية والمعالجة ، وبما إن الجامعة تمثل ملتقى الطلبة القادمين من بيئات اجتماعية مختلفة تمثل مرحلة دراسية تختلف اختلافا جذريا عما هو عليه الحال في المرحلة الدراسية السابقة سواء من حيث التنظيم وطبيعة الدراسة خصوصا كليات التربية الرياضية حصرا طالبات السنوات الجديدة لذلك فإن الطالبة يمكن إن تتعرض في هذه المرحلة للعديد من المشاكل أبرزها عدم التوافق الأكاديمي مع المادة التطبيقية لمواد التربية البدنية وعلوم الرياضة أو التكيف السليم مع الآخرين او مع الطلبة من الجنس الآخر ينشا عنه حساسية من الصراع بين دافع الاقتراب من الآخرين والخوف الشديد من التقييم الإيجابي والسلبي فضلا عن حساسية  الطالبة الخجولة تكون مرتفعة في التدقيق أو النظر للآخرين، ويبدو أن الخجل الاجتماعي واضح عند بعض طالبات التربية الرياضية يرجع ذلك إلى ان التقاليد أو الحماية الزائدة عن الحد والحنان المفرط والتي تكون البذرة الأولى للخجل الاجتماعي .   

      وحيث ان التنشئة الاجتماعية عن طريقها يكتسب الأبناء وخصوصا في تربية البنات المعايير العامة التي تفرض أنماط الثقافة السائدة في مجتمعنا العراقي من انها تلعب دورا كبيرا في التربية وتنشئتهم وتشترك فيها الأسرة والعائلة والمحيط والبيئة الاجتماعية تحت مؤثرات داخلية وتفاعلات خارجية من تلك البيئة التي تترعرع فيها ، فظلا عن أساليب المعاملة الوالدية التي تحتل مكانة مهمة في تكوين شخصية الأبناء ، ويمكن ان نعبر بواسطة هذه التنشئة يعيش الفرد حياته اليومية بكل تفاصيلها وجزيئاتها وفي ضوئها يحدد موقفه من كل ما يجري حوله ويفسر الظواهر التي يصادفها في منعطفات حياته ويعلل الأحداث القريبة والبعيدة ، ونستشف من ذلك ان للخجل الاجتماعي اسبابه النفسية والبيئية والوراثية والبيولوجية ويكون على انواع اهمها خجل الخوف وخجل الشعور بالذات ومخالطة الاخرين وخجل الحديث وله اعراض سلوكية وانفعالية وجسدية مما تجعله يميل إلى الخوف والإحجام وتفادي النقد والإحساس بالضعف.

     ويساعد التحاق الطالبات بكليات التربية الرياضية في اكتسابهن للمهارات الاجتماعية المختلفة وتنمية النمو المعرفي والعقلي والحركي والانفعالي وذلك من خلال ما تقدمه كليات التربية الرياضية من أنشطة يومية مختلفة تختبر من خلالها حدود قدراتها وإمكاناتها مما يساعد على الوصول لفهم واقعي عن شخصيتها كما يتيح التعليم الجامعي فرصة الاستقلال والتميز واثبات الذات تختلف عما تعودت عليها الطالبة في مراحل التعليم السابقة وقد يؤدي ذلك إلى صعوبات (الخوف والقلق والضعف) تكييف تواجهها الطالبة في بداية التحاقها بكليات التربية الرياضية في المستويات المتقدمة في الدراسة وقد تنتهي بعض هذه الصعوبات بتأقلم الطالبة واندماجها في الحياة الجامعية الجديدة  ….